جريمة هزت القلوب.. وسبقها بالتهديد والوعيد
يـمـني يقـتـل أبـنــاءه الـثـلاثـة.....
كانت خيوط الشفق ترسم خطوط نورها الأولى في أفق
المدينة الوادعة التي غسلت همومها بوداع ليلة أخرى
على نسمات البحر الأحمر.. لكنها لم تكن ليلة كبقية
ليالي المدينة التي كانت تخلد فيها إلى الهدوء
والسكينة، إذ سجلت هذه الليلة تحولاً آخر لم يكن
مألوفاً في جوهره ولا في تفاصيله.ارتفعت مكبرات الصوت
في الارجاء تشق عنان السماء تنادي إلى صلاة الفجر.
كانت تلك الليلة الأولى التي ينام فيها سعيد في المنزل
إلى جوار أخوته الخمسة -ثلاث بنات وولدان- فقد احتل
مرتبة الأخ الأكبر في المنزل بعد ان اشتد خلاف والدهم
مع أخيهم الأكبر عبدالله الذي هاجر للخارج طلباً للرزق
لإعالة أخوته الستة.. الذين تكدرت حياتهم بعد طلاق
والديهم.. ومغادرة الأم الحديدة إلى صنعاء.سعيد الشاب
المعاق ظل أعواماً يلتحف السماء بعد ان وجد في الشارع
مأوى آمناً اثر مشاكله مع والده وكثرة تهديداته له
بالقتل، لكن والده الذي بيت النية تراضى معه ليلتها
وطلب منه الصفح والعودة إلى البيت ليكون مع إخوته.
ليلة الجريمة
_______________
_______________
سعيد وبحسب شهادات جيرانه وإخوته لاحقاً بات ليلتها
خائفاً مضطرباً.. في حين أعد الأب مسدساً كان قد جهزه
وسبق له أن أطلق النار منه على ابنه سعيد أكثر من
مرة.. كان الأخوة الستة يغطون في نوم عميق في غرفتين
من منزلهم الذي كان السبب في تأجيج المشاكل مع
والدهم الذي أراد أن يبيعه فيما هم يرفضون لأنه
مأواهم الوحيد ويدركون أن والدهم سوف يصرف المبلغ في
غير محله ان هم وافقوا على البيع.
بدأ الأب بإطلاق النار على سعيد.. ومع دوي الرصاص..
هرعت أختاه أحلام وعواطف إلى مصدر الصوت فكانت
المفاجأة التي أذهلتهما فهربتا إلى حوش المنزل وهناك
نالا نصيبهما.. واستيقظ الثلاثة الصغار.. صالح
وعبدالرحمن وفاطمة، وعندما شاهدوا ما وقع لأخوتهم مع
صرخات العويل التي كانوا يطلقونها ونجدتهم بالجيران
سارعوا للاحتماء بإحدى غرف المنزل وأغلقوا الباب
عليهم بحكمة لم تمكن الأب من فتحها ولم يذعنوا
لتهديداته حتى حضر الجيران الذين تمكنوا من كسر باب
المنزل بعد أن احضروا الشرطة.. وطمأنوا الثلاثة بعد
حالة الروع التي اصابتهم ونقلوهم إلى المستشفى.
شهود الواقعة
______________
______________
وفي قاعة المحكمة على جلسات متعددة استمعت المحكمة
إلى شهادة الشهود التي قال فيها احدهم: كان المتهم
يلتقي بي في بعض الأحيان وقبل أربعة أشهر من الواقعة
قال بأني سأقتل أولادي بالمسدس، فقلت له لماذا فقال لي
بأن لديه معهم ملفا في المباحث والأمن السياسي، وكرر
ذلك قبل شهرين من الواقعة وقال لي أنا سأطلق
النار على أولادي في رؤوسهم وانت تكفنهم لأني أريد أن
أطهر عاري من عواطف التي أبلغتها بذلك فقالت لي ان
والدها يحبها كثيراً ولا يمكن ان يفعل بنا شيئا وثاني
مرة قالت لي اذا كتبت لنا الشهادة فلا مانع وهي تقوم
بتدريس القرآن الكريم في المسجد.
وأبلغ المحكمة (ابن المتهم) بقوله: "انا لم يعد لدي
أي أدلة أقدمها، فأنا مشرد منذ عام 93م لا أستطيع
الاستقرار مع أسرتي بسبب قسوة والدي وكنت أعمل في
الخارج وأقوم بكفالة اخواني بالمصاريف وعندما أعود
أقضي أوقاتي مع أصدقائي أو الشارع ولا أستطيع الدخول
إلى منزلي وكنت أعطي والدي مصاريف وأطلب من والدي عدم
بيع المنزل كونه المأوى الوحيد لأولاده.. وأطلب من
المحكمة القصاص الشرعي. كما طالب أولياء الدم أخوانه
صالح وفاطمة وياسمين وأمهم عن القاصر ولدها
عبدالرحمن القصاص الشرعي وبصموا على طلبهم. وتحدث
ممثل النيابة فقال: ان المتهم أقدم على ارتكاب جريمته
الشنعاء بعد اطلاعه على قانون الجرائم والعقوبات
ومعرفته بعقوبة قتل الأصل لفرعه وهذا دليل على ان نية
المتهم كانت مع سبق الإصرار والترصد. وأضافت النيابة
في حيثياتها من خلال الثابت في أوراق القضية وبها
اعترافات المتهم بما أسند إليه أنه أطلق النار على
ولده قاصداً قتله وكذا اطلاقه النار على ابنتيه أحلام
وعواطف بقصد القتل العمد، ثم ثبت من خلال التحقيقات
وأقوال الشهود انه كان يقصد قتل باقي أولاده ولكنه لم
يتمكن من ذلك وفقاً لما هو وارد في الأوراق.
كما ثبت في أقوال الشهود ان المتهم قد سبق أن هدد
بقتل أولاده وفي ضوء هذا التهديد قام بتنفيذ هذه
الجريمة، واستظهار القصد لدى المتهم يظهر من خلال مكان
اصابته المجني عليهم على رؤوسهم بالطلقات وكذا قراءة
المتهم لقانون العقوبات وتلاوة المادة 233 من القانون
على أولاده. وفي جلسة النطق بالحكم تلا القاضي منطوقه
بإعدام المتهم تعزيراً إستناداً للمادتين 234 و236
عقوبات لقتله المجني عليهم أولاده عواطف وأحلام وسعيد،
وحبسه 4 سنوات لشروعه في قتل المجني عليهم أولاده
فاطمة وصالح وعبدالرحمن، ومصادرة أدوات الجريمة ويحق
له الاستئناف خلال خمسة عشر يوماً من تاريخه، وقد أعلن
المتهم من جانبه استئنافه للحكم.
مارأيكم في مثل هؤلاء الاباء